اولا : الفرق بين المريد والمراد المريد والمراد
المريد هو من يريد الله سبحانه وتعالى ويبحث عنه ويتقرب إليه بالنوافل والطاعات وجميع أنواع التقوى ، أما المراد فإن الله يريده ويطلبه ويتولاه برعايته الخاصة ، والمحصلة النهائية هي ان المريد والمراد كلاهما مراد والرعاية الإلهية شاملة لكلى النوعين والفرق ان الأول يسير والثاني يطير أي ما يقطعه الأول في ثلاثون سنة يقطعه الثاني في ثلاث سنوات ، الأول يطلب الولاية والثاني تطلبهُ الولاية ، المريد يبحث عن مرشد اما المراد يُرشد ويستدرَج الى مرشد كامل رغماً عنه ، المريد يدرس ويبحث اما المراد يُلهم ويُعلَّم ، وكنسبة قلة أو كثرة فهي قلة في كثرة فالأول كثير والثاني قليل الأول الف او الفان اما الثاني واحد او اثنان. عندما كان نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم طفلاً في البادية عند حليمة السعدية ، أخبر الأطفال بأنهم رأوا رجلين أو ملكين شقوا عن صدر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وأخرجوا قلبه من صدره الشريف وغسلوه في إناء وأرجعوه لمكانه ، وقد أكد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم هذه الحادثة ولم ينكرها حتى أن مكان الخياط كان ظاهراً في صدره الشريف ، وهذا يدل قطعاً على أن نبينا الكريم هو مراد، وكذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( أدبني ربي فأحسن تأديبي ). وكذلك نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام كان مراداً، قال صلى الله عليه وآله وسلم في كتابه الكريم: ( وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ). [ طه41 ]. وكذلك مريم العذراء ، قال سبحانه وتعالى : ( وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ الله اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ ) . [ آل عمران 42 ] . ولا بد لسالك طريق التصوف أن يعلم أن هناك دوماً من هو أعلم منه ولم تنته حدود المعرفة بالله سبحانه وتعالى، وكمثال على ذلك عندما ظن موسى صلوات الله عليه حينما قام خطيباً في بني إسرائيل فسُئل : أي الناس أعلم ؟ قال : أنا . فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إلى الله سبحانه وتعالى، فأوحى الله سبحانه وتعالى إليه أن لي عبداً بمجمع البحرين هو أعلم منك. قال موسى صلوات الله عليه : يا ربي وكيف لي به؟ قال : تأخذ معك حوتاً فتجعله بمكتل فحيثما فقدت الحوت تجد عبداً من عبادنا آتيناه رحمةً من عندنا وعلمناه من لدنا علماً ، فذهب موسى إلى مجمع البحرين والتقى هذا العبد الصالح ، والذي أغلب الروايات تدل على أنه نبي وهو الخضر عليه السلام، قـال موسـى لهذا العبد الصالح : ( هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً ). [ الكهف 66 ]، قال العبد الصالح كما جاء في القرآن الكريم: (إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ). [ الكهف 67 ]، وقد ظهر على يدي الخضر عليه السلام الكثير من الأمور المناقضة للعادة والتي لم يستطع موسى عليه الصلاة والسلام أن يفهم مغزاها، لذا قال الخضر عليه السلام: ( وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً ). [ الكهف 68 ]، أي أن الخضر عليه السلام يبيـن لموسى كليم الله : أن مصدر العلوم هي واحدة ولكن لكلٍّ مهمته حيث تقتضي حكمة الله سبحانه وتعالى، وإن الإنسان ينكر الحكمة والمصلحة الباطنة التي لم يطلع عليها أو يعرف سببها. قال الخضر عليه السلام قبل أن يفترقا : ( قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً ). [ الكهف 78]
ومن هنا نستنتج أن هناك نوعين من أصحاب اليقين:
1 ـ النوع الأول: علم يقين يفيد صاحبه في مساعدة نفسه والناس في الخروج من الظلام إلى النور.
2 ـ النوع الثاني: علم يقين يوصل صاحبه إلى اللحاق بموكـب أهـل التصريف والحكمة الباطنية.
وهذان النوعان من أهل اليقين هما بمدد وإلهام وحكمة باطنية مصدرهما رب العزة والجلالة سبحانه وتعالى وطريقه هو ركوب سفينة الشريعة المحمدية الغراء ، فلا يخلو زمان من عباده الصالحين الموقنين العاملين على شحذ الهمم والتذكير بالواحد الأحد ، وأكرم الخلق عند الله اتقاهم .
ثانيا: الانتقال والاتباع ثانيا : الانتقال :
قال التستري رضي الله عنه :
من انتقل من نفس الى نفس اخرى من غير ذكر فقد ضيع حاله فاذا وصل عد الوتر الى احد وعشرين تظهر النتيجه من الذهول عن وجود البشريه والاستهلاك في الجذبه الالهيه الذاتيه وهما انما يحصل من انتفاع المنفي أي الماسوي واثبات المثبت أي الحق يعني في حال النفي ينفي عنك وجود البشريه والخواطر اللونيه وفي حال الاثبات يظهر فيك اثر تصرفات الجذبه الهيه والاثر متفاوت بحسب الاستعداد وهو ما اعطاه الله ارواح عباده فبل تعلقها بالابدان من القرب الثاني الازلي
فبعضهم اول ما يحصل له الغيبه عما سوى الله تعالى وبعد ذلك يتحقق له وجود العدم وهو انتفاء وجود البشريه وبعده يتشرب بالفناء وبالاستهلاك وفي الجذبه الالهيه وان لم تظهر النتيجه عند ذلك العدد فانما هو من القصور في الشرط وهو صدق الاراده والرابطه للشيخ والمتابعه بامر الشيخ والتسليم له في جميع الامور وسلب الاختيار عند اختيار الشيخ وطلب رضاه في كل حال
فبرعايه هده الشروط يتوارد الفيض الالهي من باطن الشيخ الى باطن المريد على طريق الفيض والامداد فلا بد ان يراعي شروطه ليطابق الفعل والقول على مضمون الذكر عملاواعتقادا واتباعا فانه ان بقيت المقصوديه الغيريه في شي من عمل واعتقاد واتباع ولم يوجد الاتباع لزم الكدب في قوله : لا اله الا الله
فليستانف المجاهده ويبدا الذكر من اول الامر مع المجاهده في مراعاه الشروط والاداب وتجديد العهد مع الشيخ فان كلمه الايمان أي لا اله الا الله لابد للذاكر من تطبيقها مع جميع الروابط والتعلقات في جميع الاعمال والاعتقادات
فان وجد مقصوديه الغير وعدم التبعيه لزم ان لا يكون صادقا في ذكره لان معناها لا مقصود الا الله
ومن جمله الاتباع طلب الحلال ومحبه الصديقين
ليراع في جانب النفي بنفي لوازم البشريه ومن حب الدنيا والهوى والشهوات وغيرها وفي جانب الاثبات باثبات احديه الذات وفي ضمن دوام الحضور وكمال الاتباع معنى دوم العبوديه
ثالثا: طريق النفي والاثبات عن الساده النقشبنديهاولا طريق النفي والاثبات:
طريق النفي والاثبات عند النقشبنديه :
طريق النفي والاثبات وتفصيليها على ما في الاعتبارات ومن يستعد لتقدم الجذبه لكونه من اهل لجذبه والعشق فله الاول أي باسمه الذات لانه غير محتاج الى النفي والاثبات
ومن يستعد للتقدم للسلوك لكونه من اهل السلوك تقيده وتعلقه بالسوي فله الثاني أي بالنفي والاثبات (لا اله الا الله ) بالقلب والتخلص وكيفيته : ان يلصق الذاكر لسانه في سقف الحلق ويضع الاسنان كما في الاول ثم يحبس بعد اخده في الجوف ويمدها حتى ينتهى بها الى الدماغ في الراس ويبتدئ بعدها بهمزه اله من الدماغ بالتخيل وينزل بها حتى ينتهى الى كتفه الايمن ويبتدى (لا اله ) بالتخيل من الكتف الايمن ويمدها بالنزول الى كرسي الصدر حتى ينتهي الى القلب الصنوبري في الجانب الايسر تحت عظام الجنب والضلع فيضرب الجلاله بقوه في النفس المحبوسه على سويداء القلب حتى يتاثر بحرارته جميع البدن بحيث تحترق جميع الاجزاء الفاسده في البدن ويتنور ما في البدن من الاجزاء الصالحه بنور الجلاله فيحيط على امكنه اللطائف كلها ويلاحظ معنى التهليل فان المقصود هو الله
ومن كلمه النفي ينفي جميع وجود المحدثات عن النظر والاعتبار وينظرها نظره الفناء ومن كلمه الاثبات يثبت في قلبه ونظره ذات الحق تعالى وينظر وجود ذات لحق نظره البقاء وفي اخرها عند الوقوف على عدد الوتر يقول : محمد رسول الله
وياخد من القلب الى الجانب الايمن ويريد بها كمال الاتباع به والمحبه له صلى الله عليه وسلم ويطلق النفس عند الاحتياج اليه على الوتر ويقول باللسان اللهم انت مقصودي ورضاك مطلوبي ومن خاصيه هذا الكلام تاكيد معنى التوحيد وحفظ القلب ودفع التفرقه عنه ويكون ذلك الذكر كله بحيث لايظهر على التفرقه في اغضائه ولايشعر به من كان في قربه لانه الذكر الخفي